الانحراف عن كتاب الله… كتاب يُراجع المسلمات ويكشف المسافات بين النص والواقع

في زمنٍ أصبح فيه التفسير الشخصي والتأويل الجماعي يشكّلان الوجهة الرئيسة لفهم الدين، حيث طغت الروايات والأساطير على النصوص، ودُفنت معاني الوحي تحت ركام الموروث الفقهي، يظهر كتاب “الانحراف عن كتاب الله” كدعوة جادّة لمراجعة جذرية للنظام العقائدي الذي تسلّط عليه تاريخ طويل من التفسيرات البشرية. الكتاب لا يقتصر على النقد السطحي للمفاهيم السائدة، بل يتجاوز ذلك ليغوص في عمق العلاقة بين الإنسان ودينه، ليكشف عن المسافات الشاسعة بين النص القرآني وتطبيقاته الواقعية في حياة المسلمين

يبدأ المؤلف بطرح الأسئلة التي لم نكن نجرؤ على طرحها سابقًا، ويكشف عن كيفية تحوّل العديد من المسلمين من التمسك بكلام الله إلى الارتكان إلى كلام المخلوق. فيأخذنا في رحلة تحليلية موسعة تبدأ من قصة آدم في القرآن وتفسيرها عبر الأزمان، حيث يتداخل العلم مع النص القرآني وتُطرح أساطير كانت تُروى عن الخلق، وتستمر تلك التساؤلات لتشمل قضايا حيوية ومعاصرة مثل الحجاب، والإرث، وعذاب القبر، وصلة الرحم

ما يميز هذا الكتاب هو أن هدفه ليس الهدم أو التجريح كما قد يتصور البعض، بل هو إثارة الأسئلة التي تكشف لنا الفجوة بين ما نعتقده وبين ما يدعونا النص القرآني إلى تفهمه. فالمؤلف لا يقدم أجوبة جاهزة، بل يفتح أمام القارئ أفقًا واسعًا للتفكير والتساؤل، ويحمله مسؤولية البحث والتحقيق بعيدًا عن التأثر بالموروث الذي غالبًا ما يتغافل عن جوهر الوحي. الكتاب يقترح قراءةً حرّة لا تخضع لأعراف الفقه التقليدي، بل هي دعوة لإعمال العقل وفتح باب التفكر

ومن خلال هذا الكتاب، لا يسعى المؤلف إلى تحدي الموروث الديني بقدر ما يسعى إلى تصحيحه، وكأنما يضيء على جوانب مظلمة كانت مغفلة أو مستترة في الفهم العام. هو بمثابة دعوة لتصحيح المسار، فالبحث في هذا الكتاب ليس ردًا على مدرسة فكرية معينة، بل هو محاولة لكسر الصمت الذي كان يحيط بالقضايا الدينية الكبرى التي أصبحت مقدسة بفعل التقاليد البشرية أكثر من النصوص نفسها. الكتاب هو خطوة أولى نحو تصحيح المسار العقائدي، ومن خلاله ينادي المؤلف إلى العودة إلى القرآن بعيون متفكّرة وواعية

إنه لا يقتصر على التساؤلات التقليدية التي طالما طرحت حول الدين، بل يعيد ترتيب الأولويات ويشجع على تقييم المواقف والمفاهيم التي تمت معالجتها عبر التاريخ بتأثيرات خارجية أو آراء بشرية عابرة. الكتاب في جوهره دعوة للعودة إلى القرآن الكريم بوصفه المصدر الأول والأسمى الذي يجب أن يُتّبع بحذر وتفكر، بعيدًا عن الأفهام المعلبة التي تسلّلت إليها الأفكار البشرية عبر العصور

ما يقدمه هذا الكتاب هو منصة حقيقية للمراجعة والمراجعة المستمرة. إنه يدعو القارئ للعودة إلى الأصل، إلى النص الذي لم يتغير ولم يتبدل عبر الزمن. فالكتاب يحمل في طياته فكرة محورية: أن العودة إلى القرآن الكريم بفكر متجدد ومستنير هو الطريق الأوحد لتصحيح المسارات الدينية التي تأثرت بالموروث البشري

ختامًا، كتاب “الانحراف عن كتاب الله” ليس مجرد استعراض لآراء مختلفة، بل هو مشروع فكري يتحدى القارئ أن يفكر خارج القوالب التقليدية، وأن يُعيد استكشاف العلاقة بين الوحي الإلهي والواقع المعاش

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *